في الأسابيع الماضية اجتمع مجلس الكلية كالعادة , ومن ضمن القرارات والتوصيات التي خرج بها المجلس أن يكون هناك تفتيش مفاجئ للبنات داخل القاعات ,
وبالفعل تكونت لجنة للتفتيش وبدا العمل , طبعا كان التفتيش عن كل ممنوع يدخل إلى حرم الكلية , كجوالات الكاميرا والصور ورسائل الحب ... وغيرها .
كان الأمن مستتب , والوضع يسيطر عليه الهدوء , والبنات يتقبلن هذا الأمر بكل سرور, وأخذت اللجنة تجوب المرافق والقاعات بكل ثقة , وتخرج من قاعة لتدخل الأخرى ,
وحقائب الطالبات مفتحة أمامهن , وكانت خالية إلا من بعض الكتب والأقلام والأدوات اللازمة للكلية .
انتهى التفتيش من كل القاعات , ولم يبقى إلا قاعة واحدة حيث كانت هي موقع الحدث .. وحديث الموقع فماذا حصل ؟؟ دخلت اللجنة إلى هذه القاعة بكل ثقة كما هي العادة ,
استأذنّ الطالبات في تفتيش حقائبهن .. وبدا التفتيش ...
كان في طرف من أطراف القاعة طالبة جالسة , وكانت تنظر للجنة التفتيش بطرف كسير , وعين حارة , وكانت يدها على حقيبتها , وكان نظرها يشتد كلما قرب منها الدور
, يا ترى ماذا كانت تخبئ داخل الحقيبة ؟؟
وما هي إلا لحظات وإذا باللجنة تفتش الطالبة التي أمامها أمسكت بحقيبتها جيدا , وكأنها تقول والله لن تفتحوها .
وصل دورها , وبدأت القصة , وأزيح الستار عن المشهد : افتحي الحقيبة يا بنت , نظرت إلى المفتشة وهي صامته , وقد ضمّت الحقيبة إلى صدرها ..
هات الحقيبة يا طالبه ... صرخت بقوة ... لا ... لا ... لا !! فاجتمعت اللجنة على هذه الفتاة , وبدا النقاش الحاد .. هات .. لا .. هات .. لا .
يا ترى ما هو السر ... وما هي الحقيقة ؟؟ بدأ العراك وتشابكت الأيادي .. والحقيبة لازالت تحت الحصار .. دهش الطالبات اتسعت الأعين ,
وقفت المحاضرة ويدها على فمها .
ساد القاعة صمت عجيب , يا إلهي ماذا يحدث وما هو الشيء الذي داخل الحقيبة وهل حقاً أن فلانة وبعد مداولات اتفقت اللجنة على اخذ الطالبة وحقيبتها إلى إدارة الكلية ,
لاستئناف التحقيق الذي سوف يطول ..
دخلت الطالبة إلى مقر الإدارة , ودموعها تتصبب كالمطر , أخذت تنظر في أعين الحاضرات نظرات مليئة بالحقد والغضب , لأنهن سيفضحنها أمام الملأ
, أجلستها رئيسة اللجنة وهدأت الموقف وقد هدأت هذه الطالبة المسكينة قالت المديرة ماذا تخبئين يا بنتي ..؟
وهنا وفي لحظة مره , لحظة عصيبة , فتحت الطالبة حقيبتها يا إلهي .. ما هذا ؟؟ماذا تتوقعون ... ؟؟انه لم يكن في تلك الشنطة أي ممنوعات , أو محرمات ,
أو جوالات , أو صور , لا والله : إنه لم يكن فيها إلا بقايا من الخبز ( السندوتشات )
نعم هذا هو الموجود .. وبعد سؤال الطالبة عن هذا الخبز , قالت : بعد أن تنهدت هذا بقايا الخبز الذي بعد فطور الطالبات , حيث يبقى من السندوتش نصفه ,
أو ربعه , فاجمعه وافطر ببعضه , واحمل الباقي إلى أهلي .
نعم إلى أمي وأخواتي في البيت ليكون لهم الغداء والعشاء .. لأننا أسرة فقيرة , ومعدمه , وليس لنا احد ولم يسال عنا احد , وكان سبب منعي من فتح الحقيبة ,
لكي لا أحرج أمام زميلاتي في القاعة .. فعذرا على سوء الأدب معكن ..
في هذه الأثناء انفجر الجميع بالبكاء , بل وطال البكاء أمام هذه الطالبة الموقرة .. وأسدل الستار على هذا المشهد المؤلم الذي نتمنى جميعا ألا نشاهده !
لذا إخواني وأخواتي هذه حاله واحدة من المآسي التي ربما تكون بجوارنا في الأحياء وفي القرى ونحن لا ندري وربما نتجاهل أحيانا عن هؤلاء .